يعتبر الخوف من الأمراض الفتاكة ذات العواقب الوخيمة ، وهو من الأسباب الرئيسية للكثير من الأمراض العضوية والنفسية والروحانية . والخوف هو مرض روحاني بحت ولكنه مسبب لإمراض عضوية ونفسية أيضا .
وللخوف أشكال ثلاثة :
الأول : الخوف المستحب .
فالله تعالى يقول : بسم الله الرحمن الرحيم { أنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون ان كنتم مؤمنين (175) } سورة " آل عمران " . نفهم من ذلك ان الخوف المستحب هو خوف المؤمن من ربه .
والثاني : خوف ردة الفعل وهو الناتج عن شيء مخيف .
وهو الخوف الناتج عن ردود الفعل قد يكون مبررا ولكنه يسبب لصاحبه الكثير من الأذى المباشر وغير المباشر . وأذى هذا الخوف إما ان يكون في حينه ، وإما ان يكون على المدى القريب ، وإما ان يكون على المدى البعيد . وعلى الإنسان ان لا يستهين بالخوف الذي يكون ناتجا عن ردود فعل المزاح او ما شابه ذلك
والثالث : الخوف المرض .
يعتبر " الخوف المرض " من الأمراض الفتاكة ، وهو في داخل الإنسان المريض ، ويرافقه طوال الوقت ، وهذا المرض سبب مباشر للكثير من الأمراض العضوية ، مثل : السكري ، وارتفاع ضغط الدم ، وأمراض القلب ، وكسل الغدد ، والتسارع في نبضات القلب . كما انه يسبب الكثير من الأمراض النفسية ومنها : التوتر ، القلق ، الهلوسة ، انفصام الشخصية ، الانطوائية ، عدم الثقة بالنفس ، التردد ، الرعاش العصبي . كما انه يسبب الكثير من الأمراض الروحانية ، مثل : المس الشيطاني ، التخيل ، الكوابيس في المنام ، الأرق والاكتئاب ، الوسواس ، الوهم ، العقم الروحاني .
الخوف من الحالة الصحية ومن الموت خمس أقسام
القسم الأول : نوبات الذعر وهي من النوبات التي تصيب الإنسان فجأة .
ومن أعراض نوبات الذعر : فقدان الوعي ، فقدان الذاكرة ، الرجفة العصبية ، هبوط القلب ، عدم انتظام نبضات القلب ، كسل في العضلة المنبسطة ، كسل في العضلة المنقبضة ، الإحساس بثقل على الصدر مرافق لضيق التنفس ، الهزال في الجسم ، وتكون الأحوال لدى المريض بنوبات الذعر شبيهة بالأحوال التي تكون لدى المريض بنوبات الصرع .
القسم الثاني : الرعب الداخلي وهو التوتر الناتج عن الخوف من المجهول .
ومن أعراضه : آلام متنقلة لا أساس علميا لها ، الأرق والاكتئاب ، الشعور بالضعف المفرط ، انعدام الشخصية ، الإحساس بالانهزامية على مدار الساعة ، التوتر الدائم ، فقدان الثقة بالنفس ، فقدان الثقة بالآخرين ، الانفصام بالشخصية ، التردد والخوف من اتخاذ أي قرار ، الأحلام المزعجة والكوابيس ، كثرة الانهيارات النفسية والعصبية ، الضعف الجنسي .
القسم الثالث : الخوف الشديد من المواجهة والمنازلة .
إما بالنسبة لإعراض الخوف الشديد في المواجهة والمنازلة فهي كثيرة ، تظهر في المواقف التي تجلب المشاكل او سوء التفاهم ، الانهيار العصبي والشعور بالانهزام عند المنازلـة او الاشتباك بالأيدي ، التعامل الصلب مع الأبناء والأخوة الصغار تخوفا من احتكاكهم بالآخرين ، ويعتبر صلابته مع أبنائه وأخوته الصغار إجراء احترازيا من أمر غير موجود إلا داخل قلبه الضعيف وخوفه الشديد من الآخرين .
القسم الرابع : الخوف من الماضي والحاضر والمستقبل .
إما بالنسبة للخوف من الماضي والحاضر والمستقبل فهو على النحو التالي : فبالنسبة للخوف من الماضي ، فهو ان يتعرض إنسان لحادث أو موقف ترك في داخل هذا الإنسان شيئا من الرعب لم ينسه حتى أصبح هذا الموقف يشكل عقدة نفسية لهذا الشخص ، وأصبحت هذه العقدة مصيبة الماضي ، وقلق الحاضر ، وفشل المستقبل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله . إما بالنسبة للخوف من الحاضر فيكون الإنسان مهزوزا ضعيفا يخاف من ما لا يخيف الأطفال ، كالخوف من ان يكون وحده ، او الخوف من الجلوس في المكان المعتم ، أو الخوف من الخروج في الليل ، أو الخوف من إنقاذ إنسان مخطر ، او الخوف من ان يغيث ملهوفا ، أو الخوف من تناول الطعام عند الآخرين ، وبالمعنى المختصر الخوف من كل شيء . وإما بالنسبة للخوف من المستقبل فهو ان يرهق إنسان نفسه خوفا من المستقبل ، من سينفق عليه إذا كبر ، من سيدفنني إذا مت ، من سينفعني إذا مرضت ، يتهم أولاده بالعقوق من مجرد خوفه من ان يتخلوا عنه في كبره ، من سيرعى بناتي بعد موتي ، حتى يصل به خوفه إلى الوهم الفظيع الذي يقنعه بأن مستقبله اسود .
القسم الخامس : الخوف من الحالة الصحية ومن الموت .
إما بالنسبة للخوف من الحالة الصحية ومن الموت ، فهو على النحو التالي : نبدأ بالخوف من الحالة الصحية فيقضي الإنسان اغلب أوقاته عند الأطباء ، وفي أروقة المشافي ، ليطمئن على حالته الصحية السليمة ، وتصل به الأمور لدرجة انه إذا سمع ان فلانا مريضا بالمرض الفلاني ، أعلنها طوارئ وذهب إلى الطبيب ليتأكد ان هذا المرض عنده أم لا ، وحتى إذا سمع أنسانا يقول : ان رأسي يؤلمني يبدأ بسبب خوفه يشعر بأن رأسه يؤلمه ، وإذا رأى قرصه بعوضة أو " فسفوسة " بدأ يقول هذه بداية أورام والى آخره .
وإما بالنسبة للخوف من الموت فهو ان الإنسان لا يأتي على باله إلا الموت والخوف منه وكأن الله خلق الحياة ليخاف الإنسان من الموت . والأجدر ان يفكر الإنسان كيف يعمل ويخاف من قلة العمل الصالح ، والعقيدة الصحيحة ان يعبد الإنسان ربه لأنه رب يعبد ، لا خوفا من عقابه ولا خوفا من الموت ولا طمعا بجنانه ، فأقول لأصحاب هذا النوع من المرض وهو " الخوف من الموت " ان الله كريم رحمن رحيم ، فصدقوني ان كانت أعمالكم صالحة قد تكون أحلى أوقاتكم الظاهرية والباطنية هي لحظات الموت الذي تخافون منه .