ما هو التنويم المغناطيسي؟
وكيف تحدث حالة النوم بهذه الطريقة؟
ان كل ظواهر التنويم المغناطيسي يمكن اعتبارها تنويما مغناطيسيا ذاتيا أي ان الشخص بنفسه وقدرته الذاتية يدخل في هذه الحالة من الوعي او اللاوعي الذهني ولكن عندما يدعو هذا الشخص شخصا آخر ليرشده الي كيفية الوصول الي هذه الحالة عند ذلك يكون هذا الشخص الثاني بمثابة المنوم وتبدأ علاقتهما الشخصية العميقة الخاصة اثناء هذه الظاهرة.
ان عملية التنويم المغناطيسي ببساطة هي عملية تركيز علي شيء معين وانتباه إليه مع اختفاء الشعور او الوعي حول المحيط الخارجي.
والتنويم المغناطيسي ظاهرة قديمة قدم التاريخ ولكنها لم تدرس دراسة علمية الا حوالي القرن الثامن عشر علي يد عالم فرنسي اسمه مسمر الذي لم يستطع الحصول علي تأييد المجتمع العلمي الفرنسي لدراسته هذه واعتبرت من نسج الخيال.
وفي اواخر القرن التاسع عشر ظهر عالم اسمه ريد هو الذي اعطي التنويم المغناطيسي اسمه وبعدها ظهر طبيب الاعصاب الفرنسي الكبير جاركوت الذي كان استاذ فرويد الطبيب النفسي الشهير، واستعمل التنويم المغناطيسي في علاج كثير من الحالات العصبية التي كانت تواجهه وتعلم فرويد منه استخدام هذه الطريقة في العلاج ولكنه ترك هذا الاسلوب بعد اكتشافه نظرية التحليل النفسي وانغماسه فيها الي نهاية حياته.
وحين ظهر العالم النفسي ميلتون ايركسن في سنة 1967 ميلادي استخدم هذه الظاهرة بطريقة مدروسة لعلاج المرضي النفسيين وجعلها جزءا من العلاج النفسي.
ولقد أثبتت البحوث العلمية والمختبرية ان ظاهرة التنويم المغناطيسي هي ظاهرة حقيقية فسيولوجية، يمكن قياسها مختبريا.
وبما ان التنويم المغناطيسي ظاهرة يكتنفها كثير من الغموض والاسرار لذا نحاول ان نشرح ونفسر بعض المفاهيم الخاطئة عنها.
أولا: إن التنويم المغناطيسي هو نوع من النوم حيث يشير تخطيط المخ الكهربائي علي ان المخ في حالة يقظة تامة، اي ان شكل التخطيط يكون بشكل ألفا بموجات تتراوح من 8 الي 12 موجة في الدقيقة وهو ما نراه في حالات اليقظة والوعي الكامل.
ثانيا: التنويم هو عملية يقوم بها الشخص المنوم ليؤثر خلالها علي المريض ويدخله في حالة نوم او غيبوبة مغناطيسية. هذه عبارة غير صحيحة فانه لا يوجد هناك شخص يؤثر علي الاشخاص الآخرين ويجبرهم او يدفعهم إلي حالة نوم مغناطيسي، فكل ما هنالك، ان الشخص المستعد لأن ينوم تنويما مغناطيسيا يجعل نفسه مقبولا لارشادات وتعاليم الشخص المنوم ويدخل بعدها في حالة غيبوبة مغناطيسية.
وهناك اختلاف كبير جدا بين شخص وآخر حسب استعداده لتقبل التنويم المغناطيسي.
ثالثا: الاشخاص ضعيفو الشخصية والمختلون عقليا يكونون ذوي قابلية عالية للتنويم المغناطيسي. هذه العبارة ايضا خطأ، صحيح ان بعض المصابين ببعض الحالات النفسية خصوصا العصبية. مثل حالات الهستيريا، قابليتهم للتنويم عالية ولكن معظم المصابين بالامراض النفسية الشديدة الذهنية مثل الشيزوفرانيا ومرضي الهوس والاكتئاب الشديد تكون قابليتهم ضئيلة جدا للتنويم، واحيانا غير ممكن تنويمهم.
رابعا: التنويم المغناطيسي هو علاج في حد ذاته لبعض الامراض او الحالات النفسية. هذه العبارة ايضا خطأ. فان الدخول في الغيبوبة في حد ذاته لا يشكل اي علاج لاي حالة نفسية ولكن الطبيب النفسي الخبير يستطيع استخدام هذه الغيبوبة بحيث يعطي المريض بعض الارشادات والنصائح التي يمكن استخدامها لتحسين حالته النفسية.
خامسا: التنويم المغناطيسي خطر علي الصحة. هذه الفكرة خاطئة، فلا وجود لأي رد فعل عكسي او خطورة بأي شكل كانت من الدخول في الغيبوبة المغناطيسية وقد يستغل بعض الاشخاص لاغراض خبيثة وهذا الضرر لا يأتي من التنويم في حد ذاته ولكنه يأتي من الشخص الذي يستغل هذه الظاهرة لاغراضه الشخصية.
وكثيرا ما يمارس التنويم المغناطيسي من قبل اناس لا علم لهم بان ما يمارسونه هو نوع من التنويم المغناطيسي. مثال ما نراه في فقراء الهنود من انه يستطيع ان يمشي علي الفحم الملتهب، او يتحمل طعنات سكين حادة من دون ان يصاب بأذي او تأثير جسمي منه، وكذلك ما نجده لدي الممارسين في ضرب السيوف في بعض اجزاء الجسم.
ان هناك ما يثبت ان العقل قد يدخل في حالات خاصة تشبه الغيبوبة المغناطيسية يغير فيها من طبيعة تقبل الجسم المادي المحيط الفيزيائي الخارجي.
ويمكن تقسيم صفات او طبيعة الشخصية الي ثلاثة انواع من الشخصيات حسب قابليتهم للتنويم:
فالمجموعة الاولي تمثل الذين قابليتهم متدنية او قليلة جدا للتنويم ويتصفون بخاصية مسيطرة في علاقاتهم الشخصية وعندهم شعور عميق بالمسؤولية وفي الغالب يكونون اشخاصا غير عاطفيين وواقعيين ويتصفون بالاهتمام بالمستقبل.
اما الذين قابليتهم عالية للتنويم فانهم يتصفون بالحساسية المرهفة ويكونون عاطفيين في معاملاتهم ويثقون في الآخرين ثقة كبيرة ويتركون امورهم تقاد من قبل الآخرين فيتعلقون بالماضي وينسون المستقبل.
أما الاشخاص من النوع الثالث فهم الذين يقعون في متوسط القابلية للتنويم وعادة تكون صفاتهم الشخصية في محل معتدل بين الشخصيتين السابقتين.
وفي بعض الحالات من الممكن استخدام التنويم المغناطيسي كأحد انواع العلاج التي تستعمل في العلاج النفسي، فأول خطوة هي في اختيار المريض الملائم، خاصة الذين يتقبلون التنويم بصورة سريعة، وبامكانهم التأثر بها، فان ارشدوا ارشادات فيها نفعهم اثناء التنويم فانهم سوف يستفيدون اكثر من هذا النوع من العلاج.
كما ان طريقة الايحاء التي تستخدم في هذه الحالة تفيد المريض لاستعادة اشياء وحوادث قد تكون حدثت في طفولته والتي سببت مرضه وباستعادة هذه الاشياء يستطيع الطبيب تشخيص العلاج اللازم.
في علاج السمنة وحتي يستطيع المريض ان يقوي ارادته خلال التنويم المغناطيسي لتعمل ريجيماً قاسياً يوحي المنوم الي المريض بأن الزيادة في الاكل هي الزيادة في مادة سامة يضيفها الي جسده والواجب ان يعامل جسده باحترام.
أما في علاج حالات القلق والخوف فان الغيبوبة المغناطيسية التي يوضع فيها المريض تجعله في حالة اطمئنان وسكينة عميقة.
إن الايحاء النفسي الشديد الذي يتقبله كثير من الناس عندما يكونون في حالة الغيبوبة المغناطيسية من الممكن استخدامه في علاج كثير من حالات الخوف. وذلك بان يوحي للمريض ان الشيء المعين الذي هو خائف منه، كالخوف من بعض الحيوانات او الاماكن العالية، لم يعد يخيفه بعد الآن وعليه ان يواجهها.
وكذلك التقبل النفسي للألم فمن الممكن جعل المريض اقل حساسية للالم واكثر قدرة علي تحمله.
ان للتنويم المغناطيسي تطبيقات عملية متعددة في مجال الطب النفسي، ولكنه لا يمكن ان يكون علاجا في حد ذاته لاي نوع من انواع الامراض او العلل او الحالات النفسية وانما هو مجرد احدي الطرق التي تسهل العلاج اللازم