إن أكثر الأرقام وجودا وتعبيرا في الكيان البشري ، هو الرقم سبعة . ذلك هو أن الإنسان تجسيد نظام الرقم سبعة على الأرض . فالإنسان انبثق من الثالوث ، وكل من انبثق من الثالوث ، حوى الرقم سبعة في تكوينه ... أو هو انطلق عبر سبع طبقات وعي ، كما المنشور يعكس طيف النور .
لذلك بات اكتمال الإنسان يرتكز على الرقم سبعة ، وكل ما عدا هذا الرقم يبتعد عن حقيقة مفهوم التكامل الإنساني
ويظهر الرقم سبعة في تكوين الكيان ككل ... فالأجسام الباطنية التي تؤلف وجود الإنسان هي سبعة . والروح حين تدرّكت في عالم المادة ، انطلقت عبر سبع طبقات ، أبدعتها من وجود الثالوث . فالروح خلاّقة بطبيعتها ، لأنها جزء من روح الخالق . لذلك ، منذ ما تواجدت في الثالوث ، ابتكرت منه سبع طبقات وعي ، وعبر الطبقات السبع تلك ، تدركت الروح لتصل إلى الأرض – أكثف درجات المادة .
أثناء هبوط الروح عبر هذه الطبقات ، عمدت إلى اكتساب جسم ، أو غشاء من مادة كل طبقة ، تحوي من طبيعة الوعي التي تشتمل عليها تلك الطبقة .
وهكذا ، انطلقت الروح في سبع طبقات ، مكتسبة سبع درجات وعي ، مجسدة في سبعة أجسام ، كانت هي الأجسام الباطنية السبعة التي تعيش ضمنها الروح أثناء تواجدها على الأرض – بما في ذلك جسم الروح نفسها . وسبب ذلك أن الروح صافية ، يستحيل بحالتها النقية الصرفة أن تتواجد في عالم المادة الكثيفة دون أردية ملائمة !
لهذا السبب لم تهجر الروح كنف الإله الخالق أبدا . لأن الروح لا تستطيع أن تتواجد ، بل لا وجود لها إلا ضمن وجود الإله ، من هذا المنطلق ، أطلقت العلوم الباطنية على الروح تسمية ( شعاع الله ) ! إذ أن هذا الشعاع انطلق من الروح الكلية ، مثلما ينطلق خيط النور من الشمس ، ويمتد عبر المسافات الطويلة دون أن يهجر عمق الشمس ، و إلاّ فإنه سيتلاشى ويتبدد.
وهكذا أرسلت الروح الكلية أشعتها عبر طبقات الوعي ، وجعلت لكل شعاع جسما من كل طبقة ، حتى إذا ما وصل الشعاع إلى الأرض صار متواجدا ضمن سبعة أجسام هي أجسام الإنسان الباطنية . بينما الروح ، كجوهر ، لم تغادر كنف موئلها الروحي .
خلاصة القول ، الأجسام الباطنية في الإنسان سبعة ، أكثفها الجسد المادي المنظور . كما أن لكل جسم من هذه الأجسام مركزا معينا ، أو غدة روحية ، تظهر في الجسم الأثيري الذي يحيط بالجسد المادي . هذه الغدد الروحية ، يوازيها ، من ناحية أخرى ، غدد مادية في الجسد ، هي الغدد الصماء .
إذن ، الغدد الروحية عددها سبع ، والغدد الصماء عددها سبع ، وكلها ترمز إلى الكمال الإنساني الذي يتوجب على الإنسان بلوغه بعد وعي أجسامه الباطنية ، أي جميع درجات الوعي الذي يحويها كيانه ... وذلك من أجل أن يتوصل إلى وعي شعاع الروح ، سيعود من خلاله إلى جوهر الروح نفسها القابعة في كنف الإله ، من أجل أن يعيها ويتوصل إلى الكمال الروحي .
والرقم سبعة يتواجد أيضا في الألوان السبعة التي تحويها أجسامه الباطنية ... فالألوان هي تجسيد ذبذبات ، والأجسام الباطنية هي مجموعة ذبذبات تحيط بالجسم المادي وتتخلله . ومن يملك النظر الروحي ، يستطيع أن يشاهد الأجسام الباطنية على شكل تجمعات ألوان ، عددها سبعة – كألوان النور .
الثقوب المتواجدة في رأس الإنسان عددها سبعة أيضا ... مما يعني أن بمقدور الإنسان أن يطل على العالم الخارجي عبر سبعة منافذ . والمعنى هنا مجازي ، لأنه يشير إلى حقيقة أشمل ... وهي أن باستطاعة الإنسان أن يطل على العالم العلوي – أو الروحي – من خلال سبعة أجسام ، التي تمثل سبع درجات وعي .
ويتفرع من كل من هذه الدرجات السبع ، سبع درجات أدنى وعيا ، هي مراحل وعي يعبرها الإنسان تدريجيا على درب التطور والتقدم .
كل ذلك متواجد في الكيان الإنساني ، ليشير إلى حقيقة الكمال الواجب التوصل إليه .
من هذا المنطلق ، نستنتج أن النظام الإلهي برمته ، مسجل في كيان الإنسان ... وطريق الوعي محفورة فيه أيضا ... عملية الخلق بكافة مراحلها ، مخطوطة فيه ... كذلك درب الصعود ، والاتحاد ، والكمال ، مدوّنة تفصيليا في رقائق وعيه ، في درجات مداركه ... وما عليه إلاّ أن يعيها ، فتتكشف له الحقائق