قالت الفنانة يسرا ، و قد بدأ وجهها يتلون بكل ألوان الطيف و هي تذكر تفاصيل الحكاية :كنت معزومة في فيلا صديقة عمري مها أبو عوف و بعد ان تناولنا العشاء ، و امتدت بنا السهرة أصرت مها على أن أكمل الليلة معها خصوصاً و أنا أسكن في الشارع الموازي للشارع نفسه الذي تقع فيه فيلا أبو عوف .. و بالفعل ارتديت التريننج سوت ، و دخلنا معاً إلى حجرة نوم مها ، و هات يا حكايات ، حتى شعرنا بالرغبة في النوم و كانت الساعة قد تجاوزت الثالثة فجراً .. أطفأنا الأنوار و تأهبت للنوم على سريري ، و توقف الحوار بيننا تماماً و لم يعد في المكان كله سوى صوت الصمت ، الذي ملأ أركان الحجرة و الفيلا . إصحي يا مها !
تبتلع الفنانة يسرا ريقها ، ثم تستطرد تكمل حكايتها قائلة :و فجأة بدات أسمع صوت خطوات خارج الحجرة .. أرهفت السمع ، و تأكدت من أن صوت الخطوات واضح بل كان واضحاً أن الصوت يقترب من حجرتنا بشدة ، لكن تمضي اللحظات تجر بعضها البعض دون أن تصل هذه الخطوات إلى باب الحجرة .
و إنتابني إحساس رهيب بالخوف لأنني كنت أعلم أنه لا أحد في الفيلا سوى أنا و مها ، فمن الذي يتحرك و يمشي خارج الحجرة و يصدر عنه هذا الصوت المنتظم لخطوات إنسان أشبه ما تكون بخطوات جندي في عرض عسكري ؟!و حينما تملكني الرعب مددت يدي إلى سرير مها أبو عوف و ظللت أوقظها و أنا أرتعد إصحي يا مها .. و بالفعل استيقظت مها و سألتها بينما نبرات صوتي تختنق :
يسرا: الظاهر حد دخل الفيلا سامعة الصوت اللي أنا سامعاه ؟ّ
مها : ردت مها بهدوء شديد ظل يلازمها و أنا احاورها و أنفاسي تتلاحق قالت لي :أيوه سامعة ، بس ما تخافيش نامي و بعدين بكره أحكيلك !
يسرا: بكره ؟! بكره إيه يا مها . أنا لازم أعرف دلوقتي !
مها: حرام عليكي تضيعي الليلة علينا في حكاية ما لهاش لزمة ..المهم اطمني و نامي .. ما حدش غريب بره !
يسرا: أمال الصوت اللي أنا سامعاه ده صوت مين ؟يا سلام بقى يا يسرا .. قلت لك ما حدش غريب !
يسرا: يعني فيه حد بره ؟- أيوه!
يسرا: مين يا مها ؟ أرجوكي قلبي ها يقف .. ردي عليا .. مين اللي بره ؟!
مها : ده شبح ساكن الفيلا من زمان ، و اتعودنا عليه !
تتوقف يسرا برهة ، ثم تكمل حديثها قائلة : قفزت فوق سريري ، و دارت الدنيا بيا .. و صرخت في صديقتي أعاتبها على الهدوء الذي تتحدث به دون أن تُقدر الرعب الذي يملأني .. طلبت منها أن تتحدث بجدية أكثر ، و فوجئت بها تؤكد لي ما قالته و أنها و أشقاؤها اعتادوا وجود هذا الشبح ، الذي يتحرك في الفيلا كلما خلد أصحابها إلى النوم و بينما كانت مها تتأهب لتروي لى التفاصيل حتى تُهدئ من روعي لم أتمالك نفسي و وجدت نفسي أقفز من النافذة ، و أهرول حافية القدمين و أنطلق كالسهم إلى الشارع الموازي لشارع مها حيث العمارة التي أسكن بها ، و صعدت إلى شقتي و قلبي يكاد يتوقف ، و ارتميت فوق سريري لا أصدق أنني كنت على مسافة أقل من مترين من شبح مخيف .
أصل حكاية الشبح
تروي يسرا كيف أقسمت ألا تدخل فيلا صديقتها بعد ذلك أبداً مهما كانت الظروف .. خصوصاً بعد أن علمت من صديقتها و أختها قصة الشبح الذي يسكن فيلتهما .
هنا يلتقط الفنان عزت أبو عوف طرف الحديث ليفجر المفاجأة المذهلة التي ألجمت كل الموجودين ، فأنصتوا إليه ، و كأن الطير فوق رؤوسهم .... قال عزت :- ظهور الشبح في فيلتنا ليس جديداً ، فمنذ سنوات طويلة بدأ يظهر مع دخول الليل ، و كنا صغارا ، و كنا نشعر بالخوف و الهلع و نلتزم حجراتنا ، فالشبح كان يظهر واضحاً كهالة نور على شكل إنسان عجوز ممسك بمصباح يضئ له ظلام طرقات و ممرات الفيلا ، و هو يتجول ليلاً ، و حينما طالبنا أبي بأن يبحث لنا عن مكان آخر للسكن ، على الرغم من جمال و روعة الفيلا التي نسكنها و يحسدنا عليها الناس بدأ ابي رحمه الله يبحث أولاً عن حكاية الفيلا و الشبح الذي بدأ يعكنن علينا عيشتنا .
ذهب أبي إلى الرجل الذي باع له الفيلا ، و سأله عن حكاية الشبح ، فإبتسم الرجل و أبلغ أبي بأنه شبح هادئ ( و في حاله ) ! و لا يؤذي أحداً ، و لا يظهر في الفيلا إلا بعد أن ينام أصحابها فإذا أضاءوا أي نور في الفيلا اختفى فوراً . و على الرغم من أن أبي رحمه الله عاتبه بشدة ، لأنه لم يخبره يحكاية الشبح قبل تحرير عقد بيع الفيلا فقد ظل الرجل يًُطمئن أبي و يصر على أن الشبح لا يؤذي أحداً .شيكوريل ! و سأله أبي : ألم يسأل عن حكاية و أصل ظهور هذا الشبح في الفيلا ؟ و أجابه الرجل بأن هذه الفيلا كان يمتلكها رجل الأعمال المعروف شيكوريل ، صاحب المحال الشهيرة الموجودة حتى الآن و تحمل اسمه ، لكنه تعرض لحادث قتل داخل الفيلا ، التي ظلت غير مأهولة حتى اشتراها المالك ، الذي سبق الفنان أبو عوف الذي اشتراها و انتقلت إليها أسرته !و يختتم عزت أبو عوف حديثه مؤكداً أن الأسرة بعد أن ظلت تبحث عن مكان آخر حدثت علاقة ارتباط شديد بينها و بين الفيلا ، فتوقفت عن البحث و تعايشت مع الواقع و أصبح الشبح ضمن أفراد الأسرة تقريباً .
نقلاً عن جريدة التعويذة بتاريخ 1 / 8 / 2005