بسم الله الرحمن الرحيم
بداية علم الكواكب منذ عهد حكم هرمس الذي يعد من الأنبياء الكبار, وهو ( إدريس النبي )
وهو الذي وضع أسماء البروج والكواكب السيارة ورتبها في بيوتها, وأثبت لها الشرف والوبال ، والأوج والحضيض , والمناظر بالتثليث والتسديس والتربيع, والمقابلة والمقارنة, والرجعة والاستقامة , وبين تعديل الكواكب وتقويمها، والأحكام المنسوبة إلى هذه الاتصالات مبرهن عليها عند الصابئة .
وللهند والعرب طريقة أخرى في الأحكام ، أخذوها من خواص الكواكب لا من طباعها ، ورتبوها على الثوابت , لا على السيّارات
وكان مدار مذهب الصابئة يعتمد على الرُوحانين , والرُوح بالضم هو جوهر نوراني , والرَوح بالفتح حالة خاصة بك . والأرواح مقدسون عن المواد الجسمانية , جبلوا على الطهارة وفطروا على التقديس والتسبيح . ( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) .
وقد أرشدهم إلى هذه العلوم معلمهم الأول عاذيمون, (وهو النبي شيث) . ويعتقد المتصوفون في شرق آسيا، أنه يملك مفاتيح علم الغيب ، وليست مفاتيح الغيب هذه إلا الأسماء الإلهية ، ومعلمهم الثاني هرمس .
فهم يتقربون إليهما, وهما شفيعاهما عند الله , وهو رب الأرباب وإله الآلهة، رب كل شيء ومليكه . لا يحصل الاستمداد من جهة الأرواح المقدسة الطاهرة إلا بتطهير النفس وتهذيبها , وهذا لا يحصل إلا بالاكتساب (الاجتهاد) والرياضة . ومن هنا بدأت الخلْوات والرياضة في عالم الأرواح ، وبدا عصر تقريب القرابين والذبائح , وتبخير البخورات , وتعزيم العزائم حتى يحصل لنفوسهم استعداد للاستمداد من عالم الأرواح المقدسة .
ويكون حكمهم وحكم من يدعي الوحي على وتيرة واحدة .
ولما عرفوا أن لابد للإنسان من متوسط , ولابد للمتوسط من أن يرى فيتوجه إليه, ويتقرب به, ويستفاد منه , فأوزعوا إلى الهياكل التي هي الكواكب السيارة السبع, فتعرفوا أولاً على بيوتها ومنازلها ومطالعها ومغاربها , واتصالاتها على أشكال الموافقة والمخالفة مرتبة على طبائعها, وقسَّموا الأيام والليالي والساعات عليها, وقدَّروا الصور والأشخاص والأقاليم والأمصار عليها .
فعملوا الخواتيم, وتعلموا العزائم والدعوات, وعينوا ليوم زحل يوم السبت, وراعوا فيه ساعته الأولى, وتختّموا بخاتمه المعمول بمعد ن الرصاص على صورته وهيئته وصنعته, ولبسوا اللباس الخاص به, وتبخروا ببخوره , ودعوا بدعواته الخاصة به, وسألوا حاجتهم منه ؛ الحاجة التي تستدعى من زحل, من أفعاله أثاره الخاصة به, فكان يقضي حاجتهم ويحصل في أكثر الأوقات مرامهم, وكذلك رفع الحاجة التي تختص بالمشتري في يومه وساعته , وجميع الإضافات التي ذكرناها, وكذلك سائر الكواكب, وكانوا يسمونها أربابا الآلهة, وقد حكموا البلاد والعباد .
ومنهم من جعل الشمس إله الآلهة ورب الأرباب .
وكانوا يتقربون إلى الكواكب تقربا إلى الروحانيات, ويتقربون إلى الروحانيات تقرباً إلى البارئ تعالى, لاعتقادهم بان الهياكل أبدان الروحانيات, ونسبتها إلى الروحانيات, نسبة أجسادنا إلى أرواحنا, فهم الأحياء الناطقون بحياة الروحانيات, وهي تتصرف في أبدانها تدبيرا وتصريفا وتحريكا كما نتصرف في أبداننا , ولاشك من تقرّب إلى شخصٍ فقد تقرب إلى روحه .
ثم استخرجوا عجائب من حركة الكواكب, وكل الطلسمات المذكورة في الكتب والسحر والكهانة والتنجيم والتعزيم والخواتيم والصور، كلها من علومهم ، وقد سموا أصحاب الهياكل .
واختاروا الأوقات والكلام على الكواكب ومعادنها وحروفها ..... إلخ .
وفي النتيجة فإن السبعة السيارة وهي : زحل والمشتري والمريخ والشمس والزهرة وعطارد والقمر، ليسوا على ترتيب الأيام وإنما على ترتيب الأفلاك . كذلك نُقل عن هرمس الهرامسة مثلث الحكمة ؛ أذكره لكم في صفحة الأوفاق . وفيما يخص الكواكب فإن ذكرها على ترتيب الأيام أسهل للحفظ، ومعرفة الأعمال المخصوصة بها . وخصّوا كل كوكب بملك روحاني وآخر أرضي ، وكانوا يضيفون إلى الاسم العلوي كلمة إييل نسبة لاسم الله في اللغة الآرامية ، وينسبون إلى كل اسم أرضي كلمة طيش نسبة إلى الشيطان .
يوم الأحد ، اليوم الذي ابتدئ فيه نشأة هذا الوجود الحسي، والسر في ذلك أن كوكبه المخصوص به هو النير الأعظم المسمى بالشمس . وهذا الكوكب سعد محض , وفيه تحريك الغريزة وتسخين البارد وتعديل الأمزجة وإنعاش الرطوبات , خصوصا في فصل الربيع الذي أوله برج الحمل وتكون الشمس في شرفها, فلهذا السر ناسب أن يختص بيوم الأحد لا بغيره من الأيام, ولما كانت الشمس مخصوصة بهذا اليوم الذي هو بدء النشأة ناسب أن يكون معدنه الذهب, إذ به قيام نظام الوجود ولأنه منتعش لا يبلى على مر الأيام والليالي .
وان العناصر الأربعة معتدلة فيه لأن الشمس إذا كانت ببرج الحمل كان الزمان معتدلا, لا قيظ فيه محرق ولا شتاء مغرق وكان لهيب الشمس لا يلسع الأجساد بل نور بلا لهب وغيم بلا مطر، وإن حصل المطر كان زيادة في فرح القلوب وميل هوى الأنفس .
وناسب من وجه آخر، وهو أن العناصر الأربعة لا تؤثر فيه, وإن كانت النار تأكل الفلذات المنطرقة إلا أن الذهب الإبريز الغير المشوب بغش لا تحرقه النار أبدا ولا تنقص منه شيئا، وإذا كانت هذه النار المحرقة لكل ما في الكون من معدن ونبات وأحجار, ولا تؤثر فيه إلا بالذوبان، وهو باق بعزوبته ورونقه, فكيف تؤثر العناصر الباقية !! ، فانظروا إلى شرفه من دون المعادن كلها .
وخاصية الشمس في علم الكواكب رفعة الشأن عند الملوك وأكابر القوم والحكماء, وتسميه الحكماء في كلامهم علم الصنعة الإلهية .
ويقال أن أول الدنيا هو يوم الأحد وهو نقطة الحمل, وأما طبعه، فحار يابس يميل إلى الاعتدال, وله من الحروف ابتداؤها وهو حرف الألف وله من المنازل النطح, وهذا الحرف يسمى مرتبة . وسأذكر لكم خواص الحروف وأوفاق الكواكب السبعة السيارة في صفحة الحروف والأوفاق .
وأما يوم الاثنين فكوكبه القمر، وهو بارد رطب طبعه الماء سعيد إذا كان متصلا بالكواكب السعيدة قوي النور في زيادته لا في محاقه، له من الحروف الباء وإن كانت باردة يابسة طبعها التراب، فهي لترتيب الحروف على الأيام لا لترتيب الطبائع, كما أن الكواكب ليست على ترتيب الأفلاك بل متوالية على توالي الأيام وله من المنازل البطين, ومعدنه الفضة .
وأما يوم الثلاثاء فله من الكواكب المريخ، وهو نحس في خاصيته التعب والمشقة محض حار يابس، وله من الحروف الجيم وبعضهم قال له حرف الهاء وهي درجة النار, وله في الحروب والفتن والمخاصمات وله النصر على الأعداء وقوة التحمل, وتأثيره سريع نافذ, وله من المنازل الثريا, ومعدنه الحديد .
وأما يوم الأربعاء فله من الكواكب عطارد، وهو كوكب طبعه الامتزاج وقبول كل طبع سعد مع السعود ونحس مع النحوس ممتزج بالذكورة والأنوثة, وله من الحروف الدال, وله في العلم والكتابة, وكان في القديم يسمى جوبتر, وله من المناز ل الدبران ومعدنه الزئبق .
وأما يوم الخميس فله من الكواكب المشتري وهو بارد رطب سعد محض, وله من الحروف الهاء وبعضهم قال الحاء وهي درجة الماء , وله من المنازل الهقعة ومعدنه القصدير, وخاصيته في العلم والدين .
وأما يوم الجمعة فله من الكواكب الزهرة وهي حارة رطبة مائلة إلى الرطوبة لأنوثتها, وخاصيتها في الحب والطرب والزينة وما أشبه ذلك, وكانت في القديم تسمى فينوس آلهة الحب والجمال, ولها من الحروف الواو, ومن المنازل الهنعة ومعدنها النحاس .
وأما يوم السبت فله من الكواكب زحل وهو بارد يابس وهو نحس محض , خاصيته في التسليط والهواجس والوساوس، وما أشبه ذلك, وله من الحروف الزاي, ومن المنازل الذراع ومن المعادن الرصاص .