الطفل الجوزاء
قبل أن ترزق العائلة طفلا ذكرا ينتمي إلى برج الجوزاء , أو أنثى , على أفرادها أن يطلبوا لأنفسهم أولا العافية و النشاط و طول البال . إذ يجب ألا ننسى أن طفل الجوزاء مسير من الكوكب عطارد ( مركوري ) , و أن قدماء الإغريق كانوا يصورون آلهتهم ميركوري حاملا جناحين في قدميه و واضعا خوذة فضية على رأسه . هذه الصورة الرمزية تنطبق إلى حد ما على أطفال برج الجوزاء من الجنسين , و إذا شذ أحدهم عن ذلك فبسبب تأثيرات فلكية أخرى لا علاقة لبرج الجوزاء بها .
طفل برج الجوزاء عنوان الحركة الدائمة و الفضول المستمر , و لهذا تحتاج أمه إلى ضعف الصبر الذي تحتاج إليه أي أم مسؤولة عن تربية الطفل . و علاوة على الصبر تحتاج أم طفل برج الجوزاء إلى العافية البدنية كي تستطيع اللحاق به من مكان إلى آخر , فهو سريع التنقل إلى درجة تجعله يبدو في مكانين في آن واحد . لقد حاول البشر معالجة هذا النوع من الأطفال فاخترعوا من أجلهم وسائل مختلفة كالأحزمة و الأقفاص و غيرها . و لكن من الصعب تخيل طفل برج الجوزاء , ملجما أو مسجونا . إنه عدو الجمود و السكون و الأماكن الضيقة بلا منازع , يهوى الحركة و اللعب و الناس و الأماكن الفسيحة و الدمى الكثيرة , و ينجح في إحاطة نفسه بجو مشحون بالضجيج و الحيوية و إثبات الوجود . إن تغيير هذه الصفات التي تعد أساس طبيعته أمر مستحيل على الرغم من كل ما قد يبذل من جهود . و مع ذلك يبقى من واجب الأهل تعويد طفلهم بجميع الوسائل و الطرق الاسترخاء و الهدوء و التمهل قدر الإمكان و ذلك منذ أول مراحل الطفولة .
إلى جانب ذلك يتمتع طفل برج الجوزاء بالنضج المبكر و حب الاستطلاع و ردود الفعل السريعة . و هو ولا ريب أسرع الأطفال تعلما للقراءة و أمهرهم في الحفظ و أجودهم في الإلقاء . يداه الحساستان المعبرتان تصلحان بصورة خاصة لبعض الأعمال كالجراحة و طب الأسنان و صناعة الساعات . لديه استعداد خاص لتعلم اللغات الأجنبية , ولا يصعب عليه إتقانها في الصغر إذا منح الفرصة . يظهر الميل أيضا إلى الأعمال الميكانيكية و يجد متعة كبيرة في ممارسة هذه الهواية بصورة عملية .
طفل برج الجوزاء محب للتقليد و التحريف , يقلد الأشخاص الذين حوله بروح السخرية و يحرف الحقائق ملونا إياها بشيء من خياله الواسع . يتهمه البعض بالكذب و يصر على معاقبته , لكن كذبه ليس أكثر من تحوير أو تلوين كما قلنا , منشأه أحلامه و تخيلاته الكثيرة , و كثيرا ما يقع هو فريستها فيصدق تماما ما يقول . إن صده أو عقابه لا يجدي , ومن الخير أن تتبع معه الأساليب التربوية الإيجابية فيشجع مثلا على الرد الصحيح دون زيادة أو نقصان .
بقي أن نقول أن طفل برج الجوزاء قليل الصبر قليل الانتباه , يتلهى عن الدرس بأي شيء تقع عليه حواسه , لكنه يتعلم بسرعة لا تجارى إذا استجمع أفكاره و ركزها , و مع ذلك يظل قليل التعمق سطحي المعرفة نتيجة قلة صبره و عدم استقراره . و لأنثى برج الجوزاء بين زميلاتها و أترابها شعبية خاصة , و معروف عنها سرعة الانتقال من البكاء إلى الضحك و بالعكس .
إن طفل برج الجوزاء باختصار - و خصوصا بالنسبة إلى والدته - غذاء روحي عظيم و إن كان غذاء مرهقا لأعصابها في بعض الأحيان . و يبدو أم وجود مثل هذا الطفل في عائلة ما يكسب جميع أفرادها الشعور بالشباب و الحيوية الدائمين
الطفل السرطان
يبدو طفل برج السرطان منذ أسابيعه الأولى متقلب المزاج ينتقل من حالة لأخرى بالسرعة التي ينتقل بها من اليقظة إلى النوم ومن الجوع إلى الشبع . محور عالمه الصغير الطعام و الشراب و مختلف الصور الملونة التي تمر أمام عينيه فتتلقفها ذاكرته الحادة – حتى في تلك المرحلة المبكرة بغية الاحتفاظ بها إلى حين الحاجة . و ليست تلك الصور الحسية وحدها ما يحويه ذهنه , فهو يستوعب الكثير من المشاعر و الأحاسيس ثم يخرجها بعد فترة كاملة غير محورة كأنها الصور التي تخرج من قلب " كاميرا " دقيقة الصنع .
في صحبة هذا الطفل متعة حقيقية لما يرتسم على قسماته من تعابير متلاحقة تتأرجح بين الضحك و البكاء . من المؤكد أن حاجاته العاطفية أكثر منها عند الأطفال الذين في مثل سنه . و لأن الشعور بالغربة و العزلة يلازمه دوما , فنجده في حنين مستمر إلى عطف الآخرين و اهتمامهم به . غير خجله الفطري يحول دون البوح بما يعتمل في نفسه , و لذلك يبقى من واجب ذويه أن يدركوا تلك الحاجات , و أن يعملوا لقضائها بالوسائل الملائمة .
ثم إن هذا الطفل سريع الضحك و البكاء . إذا أطلق العنان لدموعه اندفعت كالسيل . تلك هي وسيلته لكسب العطف و الاهتمام . عندما ينجح في هذا المسعى ينقلب إلى مخلوق مرح بالغ السعادة , و عندما يفشل يصبح انطوائيا متجهم الوجه . مخاوفه الكثيرة معظمها وهمي من وحي خياله . إنه يخشى العتمة و النار و السيارات و الضجيج و غيره . على أهله أن يعالجوا فيه تلك الحالة السلبية , وأن يشاركوه فرحه و شقاءه و إلا فقد ثقته بهم و بنفسه و أصبح في المستقبل إنسانا عدائيا منزويا عن البشر . و بهذه المناسبة نقول أن هطول المطر يثير في هذا الطفل ردود فعل متباينة تختلف باختلاف ظروفه و حالاته النفسية , فأما أن يشعر نحوه بالخوف و القلق أو ينفعل منه بصورة إيجابية يعبر عنها بالرسم أو الشعر أو الموسيقى .
يبدو طفل برج السرطان إما نحيلا جدا أو سمينا جدا , و يتوقف ذلك على حالته النفسية و على مدى إقباله على الطعام الذي يعتبر إحدى نقاط ضعفه . في الدراسة يظهر ميلا خاصا إلى مادة التاريخ فيحفظ بسهولة عجيبة الأسماء و الحوادث و التواريخ . مواهبه الكثيرة تتجه نحو التصوير الفوتوغرافي و المسرح و الفنون بصورة عامة . يبدو منذ طفولته الأولى محبا للمال و الاقتصاد ولا يستبعد أن يكسب قروشه الأولى و هو طفل لم يتجاوز بضع سنوات من العمر و ذلك مقابل عمل يؤديه لأهله أو للجيران .
خياله الخصب يصور له أحيانا أنه طفل غير محبوب أو غير مرغوب فيه مما يقوده إلى أوضاع نفسية صعبة . إن إقناعه بعكس ذلك واجب محتم على والدته في الدرجة الأولى و خصوصا لأن تعلقه بها و اتكاله عليها في جميع المناسبات لا يتركان لغيرها مجال الاحتكاك به . على كل حال لا يسع أم هذا الطفل سوى التساؤل عن أفضل طريقة تربيه بها و إن كان ينفع معه اللين أم الحزم . بالإضافة إلى ارتباطه بوالدته يظهر هذا الطفل تعلقا بأخوته و أخواته يدوم حتى سن المراهقة . في تلك الفترة قد ينقلب إلى شاب ثائر معارض دون أن يكون هناك سبب مباشر لهذا التحول . أما قبل ذلك فهو طفل سهل القيادة على الرغم من تقلبات مزاجه و كثرة أوهامه .
من الأمور التي تلفت إليه الانتباه منذ الصغر حرصه على نقوده و أشياءه الخاصة و لعبه ذلك الحرص الذي يقوم على غريزة الأمومة و قدرته على اختلاق صديق أو أكثر وهمي يقضي معه أوقاته . و يتميز منذ الصغر أيضا بيد خضراء تحول التراب إلى رياض غناء . إنها إحدى الظواهر التي تستحق من أهله التشجيع .
هذا الطفل الضاحك الباكي يقدس بيته ولا يستطيع الافتراق عنه . فمهما غاب أو بعد نراه يعود مسرعا إلى حيث تنتظره اللقمة الطيبة و ذراعا أمه الحنون