الطفل الأسد
عندما ينال طفل برج الأسد ما يبتغي يصبح بحق ابن الشمس و المرح و السرور . و عندما تسد في وجهه السبل ينزوي بصمت و غضب أو يحتج بالزئير العالي . ليس من الصعب التكهن برغباته لأن كل ما فيه يشير إلى سعيه لهدف واحد هو تبوأ مكان الصدارة و شغل دور الزعيم المطلق . هل هذا دليل على الغرور و العظمة ؟ نعم , بكل تأكيد ! لكنها طبيعة متأصلة فيه و خارجة عن إرادته . و لهذا السبب لا يستحق من ذويه القسوة أو السخرية . إن أكثر ما يؤذي طفل برج الأسد سوء المعاملة و خصوصا أمام الغرباء . يصاب عندئذ بجرح بليغ لا يلتئم بسهولة . حبذا لو يمتنع أهله عن ردعه و توبيخه و يستعيضوا منهما بالتوجيه القائم على المحبة و التفهم .
يخلق مع هذا الطفل دافع طبيعي يدفعه نحو القمة و يرافقه لحسن الحظ شعوره بالحق و العدالة و عدم اللؤم أو الخبث . فمن كان على هذه الشاكلة يستحق أن تنمى فيه روح الزعامة شرط ألا ينساق مع الأنانية و حب الذات , وأن يمنح الآخرين فرصة الوصول أيضا .
على كل حال و سواء أنميت تلك الظاهرة أم لم تنم يشغل الطفل من برج الاسد دور الملك منذ ولادته . تراه يتحكم في والديه و أشقائه و شقيقاته و الأقارب و الأصدقاء كما لو كان فعلا صاحب عرش و صولجان . فهو تارة يمتهن التمثيل بقصد لفت الانتباه , و طورا يكسل و يترفع تاركا لسواه مجال خدمته و رعايته . و هنا يصبح التدخل واجبا قبل أن تتأصل فيه تلك العادة فينقلب فيما بعد إلى إنسان جبار متسلط . يجب أن يعود منذ تلك المرحلة احترام شعور الآخرين و حقوقهم و ذلك من خلال منهج تربوي صارم و قائم على المحبة في آن واحد .
هنا نوعان من الطفولة عند مواليد برج الأسد : النوع الأول مرح منفتح كريم , و النوع الثاني هادئ خجول لا بطبعه بل نتيجة حتمية لسوء تصرف الأهل و عدم تفهمهم . و هذا النوع الأخير يحتاج إلى رعاية خاصة تحول دون انقلاب الطفل إلى إنسان بالغ مكبوت الشعور سلبي التفكير .
يحب طفل برج الأسد الألعاب التي يعتمد فيها على عنصر الحظ كما يحب لعبة العساكر المعروفة و يحتفظ منها بمجموعات مختلفة من الجنود . أما الفتاة فتهوى الملابس الجميلة , و تتصرف بلياقة و تهذيب , و تنشد المسؤولية و تأبى القيام بالأعمال المنزلية الوضيعة كتنظيف الحمام مثلا .
يبدو الطفل – الأسد في المدرسة أكثر جرأة و حيوية و اندفاعا من سواه . وهو كريم , يمد رفاقه بالمال و ينفق على نفسه الكثير . ذكي دون ريب و لكنه معرض للكسل و الإهمال بين الفترة و الأخرى . إذا تسلح أستاذه بالصبر جعل منه تلميذا من أنجح التلامذة . هو على كل حال محبوب من معلميه بسبب طيبة قلبه و دفئ ابتسامته . ثم إنه يمارس من حين إلى آخر دور المعلم , فيشرح لزملائه الدروس و يفرض عليهم النظام . يضاف إلى هذا أنه يحب الحفلات و الاختلاط و إطاعة الأوامر المشوبة بالرفق و اللين , لكنه يرفض الرضوخ للشدة و يقابلها بالتمرد في بعض الأحيان .
أخيرا يتظاهر هذا الطفل بالشجاعة لكنه يخشى أمورا كثيرة يرفض التصريح بها . و الحقيقة أنه أحوج الأطفال إلى حنان الأم و حدبها , و خصوصا في المساء عندما يحين موعد نومه
الطفل العذراء
على الرغم عن ذكائه و تيقظه يبدو الطفل المولود في برج العذراء أكثر جدا و أهدأ مظهرا من جميع الأطفال . لولا عناده في الأكل خاصة لاعتبر من أهنأ الأطفال و أقربهم إلى قلوب الأمهات . صعوبته ناجمة عن ذوقه الخاص في الطعام . فهو منذ بداية عمره يفضل أصنافا على أخرى , و يرفض بإصرار تعويده غيرها . هذا العناد لا يمنعه من أن يكون خجولا و مهذبا و دمثا إلى أقصى حد . وهو بالإجمال مطيع لأهله و معلميه , لا يضطرهم إلى توبيخه أو حتى إلى تكرار الأوامر .
هذا الطفل أيضاً سريع النطق , يتعلم الكلام في وقت مبكر ثم سرعان ما يصبح سلس الحديث جاد العبارات باستثناء حالات الخجل و الارتباك أمام الغرباء . وهو ماهر في التقليد , كثيرا ما يحاكي أفراد عائلته و ينتقدهم بأسلوب فذ مضحك . و مع ذلك يميل إلى الأدوار الجادة و إلى تحمل المسؤوليات أكثر من غيره . في المدرسة يعتبر التلميذ المفضل لدى معلميه بسبب مثابرته و طاعته و تهذيبه الجم , لكن ما يزعجهم منه ارتباكه الشديد إذا اضطر إلى إلقاء قصيدة أو خطاب أمام زملائه و رفضه القاطع للنقد . أما ما عدا ذلك فهو خلوق , يسدي الخدمات دون مقابل , ولا يتردد في معاونة معلميه في تصحيح الفروض أو جمع العلامات , و ينجح في هذا الدور لما يتحلى به من الاستقامة و الموضوعية و الدقة مما يتيح له تصحيح الأخطاء التي يرتكبها الأستاذ نفسه في بعض الأحيان . و الطريف أنه لا يتورع عن ذلك و هو المعروف بكراهيته الشديدة لأي نقد له يصدر عن الآخرين .
يحتاج هذا الطفل إلى الأدلة الحسية التي تبرهن عن حب أهله له و تعلقهم به و إن كان يرفض المجاهرة بتلك الحاجة . إنه على كل حال من بين القلائل الذين لا خوف عليهم من الميوعة أو الفساد مهما بالغ الأهل في تدليلهم . صعوبته الوحيدة مصدرها تمسكه بعاداته و رفضه لكل تغيير , و فيما عدا ذلك يعتبر وجوده نعمة لأبويه و خصوصا لوالدته التي يشترك معها أحيانا في تدبير المنزل و في مسك الحسابات . يتعلق بالمخلوقات الضعيفة و الحشرات الصغيرة مما يجعله يقضي الساعات في مراقبة وكر للنمل مثلا بينما وجود كلب ضخم لا يعني له شيئا .
يرفض هذا الطفل المعلومات غير المكتملة و يلجأ إلى مصادر تثقيفية عديدة بالإضافة إلى الكتاب المدرسي . أكثر ما يحب الجدل و النقاش , فإذا بدا خلالهما أقل معرفة من زملائه انطوى على نفسه و شعر بالتعاسة و الخجل . يرفض في سن المراهقة العلاقات الدائمة أو الجادة و خصوصا تلك التي تستهدف الزواج , كما يكره أن يشار إلى حياته العاطفية من قريب أو بعيد , و لهذا السبب تصعب عليه صراحة الآخرين .
إن عقله الواعي و أسلوب تفكيره العملي يحرمانه أشياء كثيرة يزخر بها عالم الأطفال الذين في مثل سنه . فهو مثلا قليل التخيلات و الأحلام نادر الاهتمام بقصص الجن و الأشباح و غير ذلك . و مع أن عظمته في تلك الواقعية إلا أن هناك خوفا عليه من الوحشة في المستقبل . ينبغي لأهله تشجيعه على اقتحام عالم الأوهام بين الفترة و الأخرى بحيث تصبح طفولته أقل جدا و أكثر تشعبا و مرحا
الطفل الميزان
عندما يرزق الأهل طفلا ينتمي إلى برج الميزان تتضاعف سعادتهم أمام جمال خلقته إذ يبدو متناسب التقطيع , مكتنز الجسم , مورد الخدين , وجهه ملآن بالبشر و الحبور , و ابتسامته توحي بأنه نموذج إعلاني في مجلة أطفال أنيقة . فإذا أضفنا إلى ذلك دماثة الطبع و غمازة أو اثنتين لا غنى لطفل برج الميزان عنهما أمكننا إعطاء صورة واضحة عن مرحلة ما بعد الولادة حيث يبدو كل من يراه مبهورا متعجبا من وسامته و عذوبته الملائكية .
في المرحلة التالية يبقى طفل الميزان محتفظا بعذوبته و حلاوته و لكنه يتكشف أيضا عن طباع قد لا تنال من الإعجاب ما نالت صورته الخارجية ساعة الولادة . يتكشف مثلا عن التردد و العناد أمام الطعام و خصوصا إذا وضع أمامه صنفان أو أكثر . ماذا يحدث بالضبط ؟ ينظر إلى أحد الصنفين مليا ثم ينتقل إلى الصنف الثاني و منه إلى الأول و هكذا دون أن يمس أحدهما . تتدخل والدته عندئذ ملحة مستعجلة , فيزيد عنادا و غضبا هذه المرة . من الصعب أن تدرك والدته سر تصرفه هذا ما لم تذكر أنه ينتمي إلى برج الميزان و أن ما تعتقده عنادا ليس سوى الحيرة و التردد في الاختيار . يقال عن الطفل – الثور أنه عنيد , و هذا صحيح أما طفل برج الميزان فليس سوى طفل يكره العجلة كما يكره الأوامر المشددة و يفضل أن يصل بنفسه إلى كل قرار – مهما كان بسيطا – بعد طول البحث و التفكير . و بكلام أبسط ينبغي لوالدته أن تريحه من مشقة الاختيار فلا تقدم له أكثر من صنف واحد من الطعام في كل مرة . هذا من جهة , و من جهة أخرى لا بد من أن يظهر الحيرة و التردد نفسيهما أمام كل أمر آخر سواء أكان يتعلق بلباسه أو لعبه أو دراسته . هنا أيضا ينبغي منحه الوقت الكافي , و إذا وجب التدخل في الوقت الملائم فليكن بلطف و هدوء و بأسلوب أقرب إلى الاقتراح منه إلى الأمر الجازم .
كثيرا ما تساءل الأهل عن سبب هذا التردد . السبب هو دون ريب البحث عن الصواب . فالطفل في برج الميزان طيب مستقيم يخشى ارتكاب الخطأ كما يخشى إلحاق الأذى بمن يحب . لذلك يمتنع من الإتيان بأي عمل قبل إشباعه درسا و تمحيصا الأمر الذي يقوده بطبيعة الحال إلى طرح الأسئلة و إثارة الجدل و استعمال لغة المنطق في كل ما يقوله أو يفعله . إن إحساس الخطأ و الصواب هذا يجعله كتوما للأسرار , كارها للنميمة , متمسكا بالحق إلى درجة الوقوف ضد أهله إذا بدا الحق إلى جانب سواهم .
تخلق مع طفل الميزان عادات حميدة لا تتوقع ممن في مثل عمره . فهو يظهر الاهتمام بالطعام لا بالنسبة إلى مذاقه فحسب بل أيضا بالنسبة إلى تنوعه و مظهره , كما أنه يأكل الحلوى بكثرة , و يعطي جو الطعام أهمية لا يقدرها عادة إلا من كان أكبر سنا و أرجح عقلا , فيحيط نفسه بالأزهار و الشموع و الألوان الجذابة الخ . . . من الطبيعي أن تظهر روحه الفنانة هذه في هندامه و نظافته و تنسيق غرفته و حاجاته و غير ذلك . و تعبر الفتاة المولودة في برج الميزان عن الظاهرة نفسها في طريقة عنايتها بنفسها و استعمالها العطور و الصابون و أدوات الزينة و غيرها .